اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 299
كيف تعتمدون أنتم على ميثاقهم وعهدهم وهم من غاية بغضهم وشدة شكيمتهم إِنْ يَظْهَرُوا ويظفروا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ اى لا يحافظوا ولا يراعوا في حقكم إِلًّا اى عهدا وميثاقا وَلا ذِمَّةً حقا لازما يلتزمون غايتها كالحقوق التي جرت بين المعاهدين بل حالهم انهم يُرْضُونَكُمْ ويعاهدون معكم بِأَفْواهِهِمْ مخادعة ومداهنة وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ عما صدر عن ألسنتهم من المعاهدة بل وَأَكْثَرُهُمْ في أنفسهم فاسِقُونَ خارجون متمردون عن العهد مطلقا لا يتفوهون به أصلا فكيف ان يعهدوا ومن غاية فسقهم وتمردهم ونهاية توغلهم في الغفلة والضلال
اشْتَرَوْا واستبدلوا بِآياتِ اللَّهِ المنزلة على رسوله الدالة على توحيده مع وضوحها وسطوعها ثَمَناً قَلِيلًا اى بدلا حقيرا مبتذلا مردولا الا وهو اتباع الاهوية الباطلة والآراء الفاسدة التي قد ابتدعها المبتدعون بتسويلات شياطينهم فَصَدُّوا اى اعرضوا وانصرفوا بأنفسهم واتباعهم بسبب تلك الآراء عَنْ سَبِيلِهِ اى عن دين الله الموصل الى توحيده وبالجملة إِنَّهُمْ من غاية ضلالهم واضلالهم ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ هذا العمل ومن سوء عملهم ايضا وقبح صنيعهم انهم من غاية بغضهم مع المؤمنين
لا يَرْقُبُونَ ولا يراعون فِي حق مُؤْمِنٍ اى احد من اهل الايمان وان بالغ في ودادهم وإخائهم ومحافظة عهودهم ودممهم إِلًّا وَلا ذِمَّةً أصلا لشدة شكيمتهم وقوة بغضهم وضغينتهم وَبالجملة أُولئِكَ الأشقياء البعداء المردودون المطرودون عن عز القبول وشرف الوصول هُمُ الْمُعْتَدُونَ المقصورون على التجاوز والعدول عن حدود الله وعن مقتضى المروءة اللازمة للمرتبة الانسانية بخبث طينتهم وردائة فطرتهم
فَإِنْ تابُوا ورجعوا الى الايمان بعد ما بالغوا في العناد والاستكبار وَبعد رجوعهم أَقامُوا الصَّلاةَ المصفية لبواطنهم عن الميل الى غير الحق وَآتَوُا الزَّكاةَ المطهرة لظواهرهم عما يشغلهم عن الحق فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ أنتم وهم سواء في سلوك طريق الحق والرجوع نجوه وَما نُفَصِّلُ ونوضح الْآياتِ الدالة على توحيدنا الا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ويصلون الى مرتبة اليقين العلمي ويريدون الترقي منها الى اليقين العيني والحقي
وَإِنْ نَكَثُوا ونقضوا أَيْمانَهُمْ ونبذوا عهودهم مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وراء ظهورهم وَمع ذلك قد طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ بتصريح التكذيب والتقبيح في الاحكام والمعتقدات وعموم الطاعات والعبادات فَقاتِلُوا ايها الغزاة المرابطون قلوبكم مع الله ورسوله أَئِمَّةَ الْكُفْرِ اى صناديدهم ورؤساءهم لأنهم ضالون مضلون وان تفوهوا بالعهد والميثاق لا تبالوا بهم وبعهودهم إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ أصلا لتخمر طينتهم على الشرك والشقاق لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ يفقهون ويتنبهون اى سفلتهم الضالون عما عليه رساؤهم المضلون بعد انقراضهم.
ثم قال سبحانه تحريضا للمؤمنين على القتال على وجه المبالغة أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا ونقضوا أَيْمانَهُمْ وَبعد نقضهم الايمان والعهود قد هَمُّوا قصدوا واهتموا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ من مكة وَالحال انه هُمْ قوم قد بَدَؤُكُمْ بالمعاداة والمخاصمة أَوَّلَ مَرَّةٍ في بدء الإسلام حين تحدوا مع رسول الله بالمعارضة مرارا فأفحموا والتجائوا الى المقارعة والمشاجرة أَتَخْشَوْنَهُمْ منهم ايها المؤمنون في مقاتلتهم ان يلحقكم مكروه من جانبهم أم تداهنون معهم وتضعفون عنهم وان خشيتم أنتم عن لحوق المكروه وعروض المنكر من قبلهم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ لأنه قادر على وجوه الانتقامات فعليكم ان تخشوا من الله ومخالفة امره وحكمه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 299